41
من رواية/ وكأنها عذراء
اسما السيد
********************
“لو تعلم أن نهاية كل التعب المضني وطريقها الطويل الذي طال أكثر مما ينبغي سيكون بذلك الجمال لما جزعت واشتكت ولا بكت، لوفرت عمرا ضائعا قضته في الرثاء، والوجع..ليتها اقتنعت أن عوض الله اجمل الف مره من ذلك الذي ظلت ليالي تحلم به..ليتها ما فقدت الامل لثانية واحده، وحمدت الله، الان علمت أن نهاية الرحلة كان يستحق كل هذا القلق والتعب”
#اسما_السيد
اعتدلت روح بتعب تريد فقط أن تلقي نظرة فضولية عليها ، تشعر بشعور غريب جداً
ما بين الخوف والرهبة واللهفة، والحب الذي ولد في اللحظة التي استمعت فيها صيحتها وبكاءها
لكنها خائفه جدا، خائفه وهنالك بقلبها الف شعور وشعور لا تعرف ماهيته بعد
كل شيء خطر على بالها الآن ودت لو تفعله معها..
كأن عقلها داخل حرب لا تنتهي..
في تلك اللحظة بالتحديد تمنت لو كان معها، وشعور بالذنب لهروبها وليد اللحظه وسؤال وحيد يجول بخاطرها منذ فتره بالتحديد منذ شعرت بأنها نضجت، كبرت ، فهمت ونظرت للحكايه من ابعد نقطه..
وهو: لما عليها أن تتحمل كل ذلك الالم وحدها؟!ماذا فعلت لكل ذلك الالم؟
زفرت بندم، أليس من المفترض أن تكون اسعد الناس الان، تبا لعقلها وقلبها اللذان بجعلاها تعيش تلك الحرب يوميا.
نظرت حولها، بجوارها أناس رائعون، محبون، اعطوها ما افتقدته طوال حياتها، حياه، حريه، ثقة بالنفس والاهم من ذلك اعطوها الحب، ذاك الشعور التي كانت دوما تطمح إليه وشككت به حينما أظهره مجد لها..
هنا اخذت ما تمناه قلبها بكل الحب. ماذا بعد، لابد لها أن تنفض كل ما تفكر به الان، فتلك اللحظه التي تحياها الان حتي لو كانت ناقصة فهي لن تعوضهت مهما فعلت يوم..
لكن سرعان ما عادت تؤنب نفسها ، ما أن وقعت عيناها علي ملامح طفلتها الفاتنه حقا كما تخبرها الجده سليمه
فتحت عيناها طفلتها عيناها، فشهقت بداخلها ونست ما يؤرق فكرها وروحها ، شهقة مكتومه لم تخرج من فمها، وهي تباركها بقلبها
أنها فاتنه حقا، وكأنها…جزء من…رويحهما معا مزيج غريب منه ومنها ظاهر للعين المجرده وحدها من استطاعت تمييزها، وهنا تأكدت أن مجد وحكايته وذلك العشق المجنون له بقلبها لن يمحى يوم..تاوهت بنفسها : آه..واللعنه..لما كل شيء يذكرني هنا!
بترت تفكيرها ، لا يجب أن تذكره الان..نهرت نفسها بقوه
لقد فقد كل الحق بها، وليلعنها الله إن لم تقتنص الحقين لها وحدها..حق الابوه والأمومة وكل شيء متعلق بها.
منذ الآن هي عالمها الوحيد وهي لها كذلك..
لطالما تأثرت بهكذا مشاهد شبيه اللحظة التي تحياها الآن وحدها
لقد ظلت طيلة فترة حملها تتخيل لحظة ولادتها، وتتمنى لو كانت تحيا حياه طبيعيه معه..
كانت تتذكر، تتخيل ، وتبكي كالبلهاء كما كانت ساجده تنعتها
الان فقط صدقت حديث فريده..
كل شيء سيهون ما أن تقع عيناها علي وليدتها
لا شيء يعادل السعاده التي تشعر بها..
مدت أطراف أصابعها لتمسك بطرف اصبعها التي رفعتها لفمها تبحث عن شيء ما …
رفعت الجده سليمه يدها بالطفله قليلا لها، حتى تستطيع رؤيتها كامله .
_ فُتنه..بنتك دي هتكون سبب مشاكل كتير بالمزرعه والقبيلة يا مخبله..
هتفت الجده بحب، وفرحة غير طبيعيه ، وكأنها لاول مره تحمل طفلة إحداهن..لكنها ليست اي واحده..روح وطفلتها لهما مكانه مميزه بقلبها
رفعت الجده رأسها لتنظر لتلك الصامته تماما، تنظر للطفله بوجه شارد..
وكأنها شعرت بها..
فهتفت الجده سليمه تقتحم تفكيرها بعدما استشعرت الي أين رحل تفكيرها:
_ ايش راح تسميها يا حبة الجلب..؟
سؤالها التلقائي آثار بقلبها جرحا غائراً..لم يشفي بعد
انها تجاهد كي تنسي، كي تمضي قدما وحدها ، وتكن علي قدر كافٍ من المسؤليه لتحيا ..وتربي طفلتها وتحقق ما خططت له
لكن عقلها أَبَى ألا يتذكر..
تدفقت الذكريات لعقلها، كي تزيدها آلاما وندما على ما فعلته بنفسها
وشردت بذكري بعيده جدا …
ذكري ربما قد نسيتها مع كثرة الأحداث التي عايشتها، ذكري تمنت لو ظلت طيات النسيان للأبد، لا لن تتذكرها الآن وتصفع وجهها بالحقيقة ، حقيقة انها كانت أكبر فاشله ، لا تستطيع رؤية حقائق البشر بعد
شردت في ذكراها غصبا عنها
## قبل عام وأكثر :
_ مجد ارجوك انا خايفه ، انا..مش هعمل كده لا..
تأمل حيرتها ووجهها الذي يزداد احمرارا مع التفكير الجدي وكأنها داخل معادله حسابيه، دائما ما تحسبها بالورقه والقلم ، أنها لا تفلح تماما باخفاء توترها، تذكره بشقيقتيه الذي يبقي طيلة اليوم عينه عليهما، وهي الأخري كانت جزء لا يتجزأ منهم..
انه يشعر وكأنه ولد لمراقبتهن والتلون بالف وجه من اجلهن..اي حظ عسر هو وهو يشعر أنه كما تخبره عنجهيه بحقد ( ديك البرابر خايب ونايب)
سبها بغيظ بنفسه، اللعنه علي والدته وشقيقتها سبب مآسيه وما هو عليه الآن ، ولكن كل شيء يهون بالكون ما أن يلقي برأسه علي قدم ذلك الرجل المحب الذي قضي عمره باكمله يداوي جرح قلبه، ولولاه لما أضحي بشرا سويا، يعيش كما يعيش الان..
لولاه..لكان الان يسعي وراء انتقام لعين كاذب اختلقته عنجهية لتبرد على قلبها ممن تعتقد وتتوهم أنهم خانوها..ولكن في الحقيقه هي وتؤامها يستحقون الرجم، لما فعلوه بالعائلتين وعلي رأسهم والده احمد السباعي..
لكنه كان دائما لها بالمرصاد، هي تفسد وهو يصلح حتى كَل ومل..
كان يجيد اصلاح الخراب الذي تصنعه ببضع كلمات..وحفنه لا بأس بها من الأموال..
كم يكرهها، وكم يكره انتمائه لتلك العائله اللعينة، لكن ما يجعله هنا الان..
هي تلك الفاتنة التي ساقها القدر إليه بتخطيط مدبر منه، ولو علمت لقتلته ونهشت قلبه وسيكون من دواعي سروره والله..
ابتسم بسعاده ، يتخيل اليوم التي ستزال فيه كل الكذبات، وسيضمها به بكل راحة الكون، بلا كذب، ولا خداع ، سيعانقها بكل الحب بحق تلك الليالي التي ذرفت فيها الدمعات وهي تخشي اللوم والعتاب، تُري متى سيأتي ذلك اليوم ؟؟
_ روحي
همس بعشق:
_ ارجوك بلاش تلعب في صواميل مخي، انا اصلا معاك عقلي بيتلغي انت لعنه عليا والله
هتفت بغيظ، وهي تبعد وجهها عنه، أنه يقتحم خلايا عقلها ويفقدها تعقلها بذلك الهمس
لوي شفتيه ، ورفع الأخري بغيظ منها ، اي تفكير هذا الذي تتكلم عنه، منذ التقاها وهو يلملم من خلفها كوارث لا حصر لها، وان دل علي شيء دل علي أن ذلك الذي تحمله برأسها ملغي تماماً، بعد معرفتها وعشقها استسلم تماما لقدره ورضا به..رضي أن يحميهن جميعا
ورضيَّ عن كونه مسؤول عنهن
رفعت يدها وهي تشير باصبعها السبابه بوجهه:
_ عارفه بتقول وبتفكر في ايه ..اني مبفكرش صح، اعترف؟
بصعوبه منع ابتسامته أن تخرج للعلن، وهو يلمح سويلم يراقبه بتأفف من بعيد
سويلم يد عنجهية وخادمها اللعين أنه يبقيه لأمر بعينه فقط، لكن لا يهم..هو يعي تماما ما يُصدره له وخصوصا حكايته مع تلك الجنيه التي تقف أمامه والتي قلبت موازين قلبه رأسا على عقب
_ مجد
_ ياعيون قلبه
ابتسمت وتلون وجهها بحمرة الخجل
_ مجد..بطل بقي اف، انا همشي
استدارت بعيدا، ولكنه لم يعطها الفرصه ، أمسك بكف يدها، وهو يسحبها خلفه ويهتف باستنكار:
_ تمشي! تمشي فين انتي …؟؟
_ مجد انت مجنون استني..
لم يعطها اهتمام، جل ما كان يريده هو أن يهرب من ذلك العالم بها ، وان يختفي عن أعين اللئيم الذي يسير خلفه كظله يراقبه وينقل تحركاته لمن ادخلها لحياته غلطه ولم يستمع لنصيحة أبيه، ليت الماضي يعود وكان اختار أن يبقى بعيدا عنها ، ما خطط له معها لا يجب أن يحشر أنفه به ، يريد إبقاء ذلك الأمر سره وسرها لبرهه..الي أن يحين الوقت
دفعها بحنو لتدخل السياره، غير مكترثا لصراخها عليه، وهي مازالت علي حالتها..تتأفف وتعارض
_ مجد ..انت بتعمل ايه؟
أغلق باب السيارة بإحكام، وهي مازالت تثرثر بغيظ
الي أن اعتدل ملقيا عليها نظره تحدي، واردف ببرود
_ امسكي نفسك والبسي حزام الامان ، وحاولي متصرخيش
_ ايه، ليه هتعمل ايه..مجد متهزرش، روحني يالا انا سايبه خالتي لوحدها، مش وقت جنانك خالص..
أردف وهو يغمز لها بعينه، وهو يميل بكل برود يضع لها الحزام
_ هخطفك ، ونتجوز..
_ نعم..ياخويا، انت اتجننت..متهزرش
_ انتي تعرفي عني كده؟!
انا قلتلك حاجه قبل كده وطلعت بهزر فيها..!
_ لا.. انت..مجد..اوعي انا …
لم يهتم لثرثرتها، أردف بكل برود
_ انا خيرتك تتجوزيني بإرادتك وانتي لطعاني بقالك ساعتين بتفكري..وبما أن الحلوه شايلة مخها خالص، وحطه مكانه فردة ج..زمه مش من مقاسها، فانا قررت
اتسعت عيناها، بينما هو يكمل ببرود:
_ فانا قررت اخطفها واقرر انا عنها، ايه رايك ؟
_ وحياة امك
عض شفتيه بغيظ لذكرها أمر والدته التي يجاهد بكل ما أوتي من قوه أن ينسي أمرها، وهمس بصوت لم تسمعه:
_ ربنا يريحني منها يا شيخه
_ مجد مش قصدي انا، هو انت بتقول ايه؟
علم ما تفكر به، انها تشعر وكأنها اهانته، لكن غمزه وقحه، من عينيه لها، جعلهتا تنسي كل شيء كعادتها، وهي تسب وقاحته
لم يهتم كالعاده، ويهتف بأمر
_ امسكي نفسك ، عشان ..
تاففت وهتفت بغيظ:
_ عشان تعرف تهرب من برج المراقبه الي وراك..اف عرفنا
_ اموت فيكي وانتي فاهمه
_ سافل..وصاحبك وغد ..حقير ..ميتعا..شرش
_ قربلك، ضايقك
انتبهت لما اردفت به، بالنهاية هي لا تود أن تلحق به الضرر، هي تعلم مدى قربهم، كما أن ذلك السمج لا يصدر لها غير الاستفزاز فقط، كما أن نظرة عيناه لا تريحها
_ لا طبعا..ميقدرش..
هتف بشك، وبداخل قلبه نار لا تهدأ:
_ روح اوعي تكوني مخبيه حاجه عليا
_ لا طبعاً ، انت عارف انا مبحبوش مبرتحش لبشر زي ما بيقول الغبي ده.
انفجر ضاحكا، وهو يتذكر المره الاخيره، والشجار الذي دار بينها وبين سويلم، وحديث سويلم لها.
_ بتضحك
_ انتي فعلا بتكرهيه جدا
_ جدا . جدا
_ والسبب
صمتت ، ولا تعرف كيف تخبره ، انها تغار من كل ما هو أقرب له منها ، تغار بشده كمجنونه..ولقد باتت اقرب للهوس
_ روح..
_ نعم..
_ اعترفي انك بتموتي فيا، وبتغيري من سويلم
_ بتهيألك وبتتوهم، واهرب براحتك بيا انا مش موافقه ، انا عند كلمتي دايما وانت عارف
ضحك باستمتاع وهو يمارس هوايته المفضله بالهروب الدائم من سويلم الذي يعترف أنه وقبل كل شيء هو مخلص جدا له إلا من ذلك الأمر والذي يظنه خير له، ولكنه يقسم أنه سيجعل ولاؤه الأكبر له ..ويلقي بعنجهيه أرضا، ويريها كيف تستغل سويلم الغبي في أمر كهذا
_ مجد..انا خايفه براحه شويه
ضحك بعدما التصقت به من خوفها
استغل الموقف لتوافق كالبلهاء كما ينعتها
_ ها..هتتجوزيني ولا اقسم بالله ارمي نفسي انا وانتي من فوق الكوبري بالعربيه..ونموت وننفضخ
_ نهارك مهبب، مجد التم، مش كده
_ روح..اخلصي يالا..انتي عارفاني يابنتي اهبل واعملها
كان خبيرا باستخراج اعترافاتها، وموافقتها ايضا علي أفكاره المجنونه
هو بسهوله كان يستطيع تثبيتها، وإثبات هيمنته عليها
_ بس..
_ مبسش قولتي ايه؟
_ مجد..انا خايفه..متهزرش ، مش كل حاجه هزار كده
_ رووح…
_ نعم..
_ انا بحبك وعاوزك معايا
_ لا بردو..
_ براحتك..
صمتوا ، وحل الصمت لدقائق
هو محق، هي بجانبه تنسي العالم، يصبح عالمها وردي اللون وهي معه ، بحياتها لم يهتم أحدهم لها قدر اهتمامه هو بها الان، حتي والدتها تركتها ورحلت..رحلت ولم تلتفت لتري حالها يوماً
بجواره قلقها يتحول لرماد، بكل مره تكون معه وياخذهم الوقت وتخشى خالتها ووجودها بمفردها، كانت تعود تجدها بأفضل حال، حتي انها لم تسألها لمره واحده عن سبب تاخرها
لقد كانت تظن أنها تهتم لامرها، لكنها كانت مخطئه هي مهمشه تماما بحياة الجميع، الا حياة ذلك المتهور
الذي دلف لعالمها عنوه، كم جميل جدا أن تكون محور الحياه لاحدهم
أن يستيقظ ليلا يتفقدك، شعور جميل ان يحبك أحدهم بكل ذلك الصدق.
_ بتفكري في ايه..؟
_ فيك
ابتسم بسعاده حقيقية، لو تعلم كم يحبها ، كم يؤلمه كونه يعلم حزنها المخفي
كم أضحي يحب عالمه لأنها أصبحت به
_ انا جنبك دايمًا خليكي فاكره كدا كويس.
مال مقبلا كف يدها، ثم احتواها بعشق ، بينما همست هي بخجل
_ مش عارفه ازاي بتقدر تقنعني ، وبتخليني اوافق على كل مصايبك وجنونك ده ..
_ يعني انتي موافقه؟
هتف بسعاده حقيقيه وعيون تلمع
اردفت بضعف من الجدال معه:
_ مجد انت واعي اصلا ياحبيبي، انا متمتش السن القانوني ومليش ولي أمر يجوزني، انا بائسه تماما..
اردفت بكلماتها الاخيره بضحك
واكملت بتهكم..
_ استني لسن الرشد بقي وانا اجوزك نفسي بنفسي..
دفع بكفها عنه بغيظ مصطنع:
_ نعم يختي..سن ايه اللي استناه يا هبله انتي
_ سن الرشد..
_ يا برودك..
_ الله مجد..اعملك ايه يعني..عاوزني اتجوزك ازاي يعني ، مش هينفع
_ ياسلام..
_ وحياتك..خلينا نستني اكون كبرت شويه
هتف بإصرار:
_ لا هيحصل ولا هيكون ابدا، انتي الليله هتكوني ملكي وهتشوفي.
لم تنتبه كانت تدور بعيونها خارج السياره تري أن هربا من ذلك السمج سويلم ام مازال يتبعهم بتلك الحراسه اللعينه التي يسير بها
سويلم أكثر شخص تكرهه علي وجة الأرض، هكذا بلا اسباب، يكفي نظرة عينيه التي تقرأ فيهما كم الكره الذي يكنه لها، وكأنها سرقت أمواله وهربت..
_ روح..
_ نعم..
_ سرحانه في ايه يا قدري.. قولتي ايه؟
لم تستمع لكامل حديثه، اردفت بتأفف:
_ طيب..طيب .
صاح بسعاده وهو في اعتقاده أنها وافقت عليه
_ ايوه بقي..اعقلي كده
بعد ساعتين كانت تجلس بمكان يشبه القصور التي تراها بالتلفاز قصر يطل علي البحر ولا تعلم اي بحر حقيقةً، ستساله بعد رحيل هؤلاء العالم
امامها رجل كبير بالعمر نوعا ما..وشاهدان لا تعلم من اين اتي بهما، وهي وهو والمحامي وهويتها الشخصيه التي لا تعلم من اين اتي بها أيضا.
وانتهي كل شيء بكلمة المحامي
_ بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير
كأنها كانت تتوهم ، أو في حلم جميل..
فاقت وهو يحملها بين ذراعيه ويدور بسعاده، وهي شارده بغباء منقطع النظير، وكأنها لم تفهم ما يحدث بعد..
_ ايه اللي حصل ده، انا مش فاهمه؟
_ اتجوزنا.. يا قدري
_ بجد…
_ اه والله..انتي نمتي مني ولا ايه؟
روح حبيبتي..فوقي كده
ضحك بسعاده، لاول مره تري سعادته هذه، ضحكاته ملأت الارجاء، فرحته تظهر جليا بعينيه
كيف تصدق أنه يضحك ويلعب بها؟
أمعنت النظر داخلهما وكأنها تودعه
_ لا دا انت مش طبيعيه
_ شكلك ضحكت عليا، وسقتني حاجه من اياها
_ حاجة ايه يا هبله انتي
سألها بدهشه حقيقيه، وهو يكتم ضحكه عليها
_ انت كاتم نفسك ليه كده، انت عملت ايه فيا يا مجد
_ لا دا انتي مجنونه جدا، يابنتي اتجوزتك..اتجوزتك
هتف بكلماته الأخيرة بضحك صاخب عليها، جعلها تضيق من عيناها، وهو يعيدها للأرض ، مردفا ببرود استطاع اظاهره لها:
_ مبروك يا مراتي يا حبيبتي
دفعته بغيظ:
_ مراتك…!
لا دا انت سوقت فيها اوي بجد بقي..مرات مين انا..انا تعبت منك..يا مجد..اوعي كده.
تركته وخطت بقدميها للأمام تجاه مدخل ذلك القصر الفاخر بغباء ومازالت لا تصدق ما تراه ، ذلك الشاب فاسد ، مدلل، غني بغباء، وفاسق جدا..ويوم الشؤم يوم التقته لقد تخلت عن عقلها معه لتعيش الخيال الذي سيوقعها بشر اعمالها يوماً..
عليها أن تستيقظ من خيالها والان
ما أن اقتربت من باب القصر ، تيبست قدميها ، ويديه تعيدها حيث مسكنها الأبدي كما يخبرها، داخل ذراعيه
صاحت بضحكة سعيده ، وهو يخبرها بصلف، من أين لك ذلك التعقل يا عقلة الاصبع..؟
_ مجد..اياك تقولها
وضعها بحنو علي الاريكه ، ومال براسه يهمس أمام وجهها بعشق:
_ بحبك يا عقلة الاصبع..ها ايه رايك
_ غبي …متخلف..وصعلوك..وفاسد ..وابن ..
_ لسانك دا فكريني اقصه
_ لا تجرؤ..
_ متتحدنيش يا عقلة الاصبع
_ بتحدي..
_ طيب استني..
_ الله..
لم تكمل باقي حديثها يترها وهو يحتويها بين ذراعيه بحنو وترو يديه ارتفع لتمسد خلف ظهرها بحنان جعلتها طوع بنانه مجد حنون الطبع، مريح النفس، متفهم دوما، ماذا تريد هي بعد؟! اغمضت عيناها ونست كل ما مرت وتمر به كالعاده بين ذراعيه، وتذكرت بتلك اللحظه ما تخبرها به خالتها دوما ” اللي طبعه الحنيه …عشرته كلها أمان”
غمرها بالقبلات ورحلت معه في عالم طالما حلمت به كالمراهقات.
_روح..روح.. سرحتي بأية يا حبة الجلب
انتفضت على سؤال الجده ..
_ ها..معاكي ياتيته ..معاكي اهو
أغمضت عينيها تحاول صرف تفكيرها وشرودها بما ارتكبته من غباء في حق نفسها وتلك البريئة التي تسببت بتهورها وقلة عقلها بمجيئها لعالم لن يرحم كلتاهما بدون ذكر فضولي ينغص عليهما ما يعيشاه كم تكره ذلك المجتمع التي اكتشفت أنه حتى هنا بأخر شبر بالبلاد يفكرون بتلك الطريقه الحمقاء.
_ مجولتيليش ايش هتسميها..؟!
_ ها…مش عارفه..مفكرتش
**********
أشهر مضت ما يزيد عن عام كامل
تبدلت أحوال الجميع حتى أحواله الظاهرة لهم
لكن بداخله ما زال محطماً، هشاً جدا ، لطالما كان قلبه عقبة حياته كما تخبره عنجهيه بحقد، قلبه الطيب يخدع بأقل شيء
ماذا يفعل أن كان يحمل بداخله قلبا هينا لينا ،لا ينتمي لشرورهم مهما حدث، وفعلوا، ومهما يمشي خلف خطاها مجبراً، ينفذ مخططاتها قلبه اللعين لا يقسو ابدا.
الحياه بمشاكلها ومصائبها لم تغير من معدن قلبه وهو ما سيحمد الله عليه مدي الحياه،
والفضل كل الفضل للرجل الذي اوقعه الله بطريقه
فكلما نظر لشقيقتيه واحوالهن التي تبدلت حمد الله..أنه استطاع انتشالهن من كل العذاب الذي لاقوه بحياتهن
حتي شقيقته الأخري بات مطمئنا عليها..
الان أن مات وانطمست سيرته بلا رجعه سيموت هانئا لانه اوصلهم لبر الأمان وان لم يكن كاملا، يكفي أنه أمن لهم معيشتهم بعيدا عن العالم الموبوء، وعن تهديدات احمد السباعي وذلك العالم الذي دخله بغباء بحجة الانتقام والثراء..
وان كان قلبه مازال متوجساً مما سيأتي بعد ذلك ..لكنه يشعر بالرضا الحالي عما فعله معهن
ااه حارقه خرجت من صدره ما أن وقعت عينه علي صورتهما التي مازالت تزين شاشة هاتفه
لم يمت الامل بداخله لليوم، متاكد انها حيه ترزق، قلبه العليل بعشقها يحدثه بذلك
حتي احلامه التي يغفو من اجلها تؤكد له انها حية ترزق..
امس حلم بها، تضحك، علي غير العائده، تدور بفستانها الأبيض الذي اشتراه لها خصيصاً ولم يخبرها أنه فعل، كان سيهديه لها ليلة زفافهم التي كان يحضر لها قبل هروبها منه..
لو فقط صبرت ليوم واحد فقط..
ابتسم وعقله مازال داخل الحلم الوردي الذي كان يحيا به ليلة امس ، مازالت يديه دافئه وكأنها مازالت تمسك بكفه
عناقها، وضحكها ، وتذمرها ، التي تحولت فجأة لصراخ وكأنها تتألم، ومن ثم عادت لتضحك مجدداً ، وهو بين هذا وذاك مشتت تماماً
لم تتغير حتى بالأحلام كانت دوما متغيره المزاج، وتجننه..
منذ أن آفاق من الحلم وهو يشعر بفقد شديد يريد الانعزال، البكاء، والتضرع والصراخ..يتوسل الله أن يرضيه بها
لقد كان يظن أن الحياه ستمر وينسي، لكن لا..ولا للحظه واحده استطاع نسيانها ، بل مازال يبحث عنها
وسيظل الي أن يصل لها، أو يظهر عكس ذلك وينتهي أمره بهكذا خبر..
لم يعد يعلم كيف يحيا، كيف يمر الوقت وذلك الالم ينخر بروحه وقلبه..
هي لن تكون صدفه عابره ابدا..بل ستظل طيلة العمر علقه بصدره..وشعور بالذنب لهروبها يملؤه وكأنه سبب ما حدث
كلما حاول تشتيت ذهنه عن ذكراها يأخذه الحنين لها وللماضي..
مازال لا يصدق ما حدث، وقعت عينه علي تلك الرساله التي وصلت له قبل قليل من سويلم الذي استطاع تقويمه كليا برحيله وتركه عنه، بل وجعله يعترف بما فعل..
بعدما كشفه وكشف أنه من كان يسرب اخباره لعنجهيه،
الان هو يتوسله أن يخبره مكانه..لقد سئم من أفعال عنجهيه ، بعدما أمره بالبقاء بجوارها وتقويم ما تفعله من غباء، لكن يبدو أنه سأم الأمر
لكنه لن يفعل ليبتعد عنه كليا، وانتهي
بالنهاية هو لم يعد يثق به، ويكفي تلك الغصه المُره التي تتشكل بحلقه وتؤلم قلبه كلما تذكر أنه السبب بما حدث لروح..بنظراته وتلميحاته الحقيقه لها..
أخذته قدميه للسير قليلا، يريد تمرير الوقت والتفكير الجدي بما هو مقبل عليه
القي نظره خاطفه علي شقيقتيه الجالستان كل منهما شاردتان تماما بعالم آخر..
لقد أضحت كل منهما بشخصيه غير التي عاشت بها..المآسي والفراق قادرون علي تبديل المرء من سيء لاسوا، والعكس
لقد عانوا وقاسوا ما لم يقدر رجل عليه و السبب الرئيسي بدخولهم لذلك القهر، كان والدهم
و أنهم ولدوا لأب لا يعلم معني الرحمه ولا يعي لحرام ولا لحلال..فقط يسعي خلف المال والسلطه ، والنساء
أكثر ما يؤلم قلبه هو خوفه من تركهم بأي وقت .
بالنهاية حياته على المحك وما هو مقدم عليه خطر جدا وعليه أن يضع خطة محكمة من أجل سلامتهن حتي لو اضطر أسفا أن يضع يديه بيد اعدائه من اجلهن..
كان يسير كالتائه تماماً ، صورتها الأخيرة مازالت عالقه بذكراه ، يشعر كأنها تناديه فيسرع الخطي ليلبي ندائها
يلمح طيفها، ويهرول خلفه، وكأنه وقع داخل متاهه، كلما اقترب منها رحلت..
دار حول نفسه مرارا و صدى ضحكاتها، وندائها يرن بداخله ، حتي أخرج صرخة ملتاعه، وهو يناديها برجاء أن تقترب:
_ روووح..رووح
كيف قالو ان البعيد عن العين بعيد عن القلب ، و هو كلما ابتعد : اقترب من القلب أكثر ….و كيف قيل أن الايام تعالج كل شىء!!! و الجرح بعده ما زال ينزف … و كيف قالو ان الوقت كفيل بالنسيان!!! و كلما فات ذاك الوقت تشعب بالقلب أكتر و أكتر … لعلهم لم يدركو بعد كيف لك أن تدمن شخصاً كالموت؛ أن تعشق تفاصيله ؛ أن تراه شمسك و نورك ؛ أن تنشطر روحك لتستقر أينما حل و ارتحل … فهم معذورون ربما ، فلم يروك يوماً ، لم يقتلهم حضورك ؛ لم تأثرهم هيبتك..!
*********
تسللت من جوار شقيقتها الغارقه تماما بالنظر لصورة ذلك الشاب الذي حكت لها عنه وعن ما فعله معها، وطيلة الوقت تبحث عنه وتترصد اخباره علي شبكة التواصل الاجتماعي، والأدهي وكأنه يعلم أنها تراقبه، فيجدد لها الصور والامنيات، والرسائل طيلة الوقت
وكأنها تسمعه وتراه، ذلك الشاب ليس بغبي ، بل تشك أنه يعلم بمكانها ويتبعها..
يوميا تلح عليها أن تنظر لصوره لكن الفتور يمنعها، لا تجد أي لذه بما تفعله شقيقتها ، أن تراقب شخص عزيز عليك بعيدا عنك
ولا يتذكرك، يعني أن تجلب لنفسك عذاب لا حصر له وبالنهاية كل يسعي حسب وجهة نظرة
وما مر به..
أما ما مرت به من مآسي، يمنعها أفقدها لذة كل شيء
ما عايشته مازال يسكن روحها
الخوف والاضطراب أضحي ساكنا كل جوارحها
، انها لا تنكر أنها صُدمت ما أن اخبرتها عن ما حدث معها، لكن صدمتها حقيقة هي معرفة خبر موت شقيقها الأحب لقلبها من العالم اجمع، بل وطريقة موته.و ما حدث بعدها له
حتي المكان التي آلت له حياة والدتها القاسيه بقلب حجر ، اوجعها
لقد علمت من مجد أن ابيه عثر عليها بحال بأس واودعها إحدى المصحات النفسيه وما حدث قبل ذلك هي فاقده له، بل فقدت عقلها كليا ولم تعد تتذكر شيء
دموعها انهمرت غصب عنها
تحمد الله أن شقيقتها لم تعاني ما عانته وذلك الشاب كان سندا لها
بالنهاية هي ستظل ممتنه لذلك الشاب الذي رعاها ، وأحبها جدا..لو كانت كامله مثل شقيقتها لتركت نفسها لتحب أكثر شخص طمأنها
بالعالم..
ومن وجدت بجواره أمانا خالصا لم تسعي له..
بل كان هدية القدر لها أن وقعت بطريقه تلك الليله، لينقذها ممن أساءت الظن به
ليصنع القدر لها حياه اخري، والتي اكتشفت بالنهاية أن مجد هو من ساقها إليها مخافة عليها من عنجهيه وافعالها..
شقيقها التي خشته من قبل هو الأحن دوما عليها…وعلى شقيقتها
لقد صدمت بمعرفة روضه به بالبداية، لكن ما أن استوعبت تفهمت
ما حدث لا ياتي نقطه في بحر ممن عايشته
لازالت تتذكر لحظه لقياها بها ، وكيف كان حاله وكيف فعل حتي لا تشك عنجهيه به..
لقد كان امانها الخالص، وهي من حسبته عدو لها..
حقا الدنيا لا تؤتمن، والحكم الظاهري علي البشر اكبر ظلم لهم.
كما حكمت على الصديقه الوحيده التي عرفتها وتوسلتها المساعده ، وخذلتها..
لو فعلت..لو وقفت بجانبها ، لما كانت هنا الان…
الله وحده يعلم كم توكل الله فيها وبما فعلته معها..وبداخل قلبها كلما فكرت في مسامحتها لسانها يأبي ويمنعها
زفرت بهم، وهي تلمح مجد كالعاده يتسلل للسير والتفكير الذي يعود بعده مرهقا ليغفو
شقيقها يخفي ألما تعلمه جيداً
الفتره السابقه قربتهم لبعضهم جدا
حتي أنه حكي لها عن شقيقتهم الغائبه و تمنت لو كانت معهم، كم تود أن تساله عنه
عن من تركته خلفها وقاومت الا تهرول وتعود له ما أن علمت باصابته ..
أغمضت عينيها تحاول صرف تفكيرها عن تلك اللحظه التي دعست قلبها بها قبل الرحيل
حينما هاتف الجد مجد، واخبره عما حدث ليزيد..تتذكر كيف سالت دموعها من القهر والظلم..
وكيف خيرها شقيقها بين الرحيل والعوده والمقاتله مجدداً..وبكلتا الأحوال سيكون معها دائما
لكنها تيبست ، وتجمدت لم تستطع أن تفكر في شيء، توقف عقلها علي تلك اللحظه التي كادت تنهي زوجة خالها حياتها بها ، وتلك اللحظات العصيبه التي عاشتها من قبل وهي تحاول الابتعاد عنهم
وإثبات أنها لا تريد منهم شيء .
فقط الامان ، أن تحيا بأمان ، وان تعيش بلا خوف، وان تطمئن
كم مره سألت نفسها ، هل أخطأت بشيء حتي لا تحظي بذلك الشعور
بحياتها
ذلك الشعور التي لم تشعر به إلا بقرب يزيد منها
كانت تود حقا العوده، لكن باخر لحظه تذكرت والدها ، وكيف حاول قتله بكل برود وكيف قاوم من اجلها، وكم تكرهها عائلته
سيكون قمة الظلم لها أن تعود وتجعله يحارب من أجلها وهي لن تقدم له شيء، حتي ابسط المشاعر الانسانيه
..لقد جعلت التجارب القاسية منها فتاه منتهية الصلاحية في كل شيء
وأكبر دليل على ذلك كان انهيارها من أبسط الاشياء
حينها استمعت لمجد ورأيه
الصواب
في انها لكي تعود يجب أن تقاتل للبقاء ، أن تكون علي أتم الاستعداد النفسي، والجسدي، والمادي لتواجه الجميع
عليها أن تكمل باقي حياتها ولا تقف علي ما حدث
فهي مازالت لم تتماسك وتخطو بجرأة كما يريد مجد لها، هو محق كيف كانت ستواجه تلك المرأة الأخطر اجراما من عنجهيه نفسها
من سمحت لنفسها أن تتعاون مع ابيها من أجل سحلها وأخذها عنوه، وهي زوجة وعرض ولدها،
لو ظلت لاطعمتها الزقوم، وسلمتها لابيها ولن يكون يزيد بجوارها حتي ينقذها
رغم الالم التي مازالت تشعر به لأنها فارقت بتلك الطريقه الخادعه ، والتي تعلم جيدا أنه لن يمررها لها ، الا أنها ليست نادمه، بالنهاية تجمع شملها مع شقيقتها التي لو ظلت معهم لم تكن لتراها مجددا، وهي مازالت بحاجه لها
بالحقيقه هي مازالت لم تستوعب ذلك الكم الهائل من الصدمات التي حدثت معها
حتي حقيقة انها زوجة شرعيه ليزيد الان، حينما تفكر بالأمر لم تستوعبه ، تشعر وكأنها كانت داخل حلم كبير ، أو كابوس واستيقظت منه ومازال طيفه يزعجها كل حين،
لدرجة انها تتعجب من وجود مجد احيانا، وتأخذ جنبا منه احيانا، حتي انتبه لها مجد وبدأ يفهم ما تعانيه ورغم أنه يغدقهما بالحنان، والتفاهم الذي لا يجعلها تصل لتلك الحاله..
إلا أنه فهم ما بها ؟
كم تحزن حينما تصل لتلك الحاله، ويظل يتأسف لها عما بدر منه سابقاً ، لكن ما أن تنتابها تلك الحاله
يتوقف تفكيرها ، وتشعر بالندم لتركها المزرعه، والرحيل معه،
رهاب ما بعد الصدمات انتابها من كثره ما صادفت من ازمات وصدمات
وهنا تدخل كعادته واجبرها أن تتابع مع طبيب نفسي قد عالجه سابقا..
وللأمانة كان قرارا صائبا جدا..اقترحه من البداية وهي ما رفضته بتعنت ، بينما قبلت به شقيقتها وتحسنت حالتها..
شقيقتها التي تهيم عشقا بذلك الفارس..
قلبها يؤلمها كلما تذكرته، لقد أخبرها جدها الذي يحدثانه سرا عن الأعين أنه لم يصدر أي رد فعل منذ اخبره، منذ الصدمه الأولي، لم يوجه له أي سؤال طيلة الأشهر الماضيه بل إنه لم يعود للمزرعه منذ رحل لسيناء
تُري صدقا أنها كانت مجرد عبيء ثقيل علي كاهله وبعد رحيلها تحرر منه
لذلك لم يغضب، ولم يثور ولم يبحث عنها
لقد حاولت أن تستمع لنصيحة روضة وتراقبه كما تفعل لكنها رفضت بالنهاية، لا أحد يفهم عليها، هناك شيء بداخل القلب لا يعلمه إلا هي، بيديها أحكمت الغلق عليه، وهي من وضعت غلافه ولن تسمح لأحد المساس به، كمنطقه مقدسه استودعته بقلبها،
واقسمت انها ستجاهد ليبقي طي الكتمان وللابد..وإن أضحت وحيده طيلة عمرها..
دموعها نزلت غصبا عنها ، ما أن لاح لعقلها تلك الأيام المريره التي عاشتها تباعا، تذكرت تلك الليله التي فقدت بها وفيها كل ما تملك من كرامة وعزة نفس، حتي اصبحت ككرة سلة يتقاذفها كل من له باللعب، ومن لا يفهمه
ارتجف جسدها فأسرعت لتدلف لغرفتها الفخمه، الأشبه بالقصر
تماما..انها تعاصر اشياء لم تخطر ببالها يوم، لكنها مفتقدة للشغف، ورغم حنو مجد عليهم إلا أنها لا تشعر بالسعاده المطلقه
وكيف تشعر بها، وهي تشعر وكأنها مهدده طوال الوقت
انكمشت بالفراش، عقلها يعيد عليها ما حدث من البداية، استغاثاتها وتوسلها ، خوفها، وهروبها، كل شيء ..حتي ظهر هو بحياتها وانقذها ، لا تنكر أن القلب دق له ببراءه، لكن لم يسعفها وجود والدته ودخولها بالحكاية دمر كل حلم لها معه
القدر دوما ما يعاندها، تصفعها الحقائق، من مثلهن ولدن لاب قذر لابد وأن ينسوا معني أن يعيش الانسان سعيدا بلا مشاكل، ولا طعنات
لقد وجدن بالحياه لرد دين لا يعلمون صدقا لمن ينتمي..
لكنها الحياه، وعليها أن تتقوي، وتحارب بشرف، لتخطف احقيتها بالحياه
***********
ابتسمت بسعاده ما أن رأت صورته التي نشرها للتو علي منصة الفيسبوك، جميل الخلق والخلقه
زاد حسنا وبهاء بالزي العسكري
ليليا ومجد يحسبونها بلا عقل، عاشقه مجنونه له ، ومتهوره وقد تراسله وتعترف بأي وقت بمكانها
لكنها ليست كذلك، كلما رأت مكانته، انتصاراته العظيمه، وكلماته الذي يدونها ببراعه، تتمني لو تصبح مثله ..
أرادت أن ترتدي ذلك الزي صدقا، لا احد يعلم أنه كان حلمهن هي وشقيقتها أن يدخلن لاحدي الكليات العسكريه
أو حتي أن ينتمين لهيئة التمريض العسكري، اي شيء من هذا القبيل، لطالما كانوا من أوائل المدرسه، ورغم ضيق الحال كانوا كذلك..
ولكن ما حدث حطمهن ولكن لم يزيدها الا إصرارا..
إن كان حلمها في السابق مجرد فكره فالأن شقيقها يملك من السلطه ما يجعلها تحقق احلامها جميعاً.. وستصبح ذات يوم..
وحتي ذلك اليوم..ستظل تراقب نجمها العالي..وتنظر له كقدوه..
حتي تصبح بجواره دائما..
************
بيت العائله:
صفعه قوية من يد رفيع اسقطتها ارضا
_ رفيع..انت جنيت يا ولدي
هكذا صاح ابيه بعدما صفع رفيع ابنته التي تبجحت ونهرته عن معاملته الجافه مع والدتها
لولا يد الجد التي منعته عنها، لقتلها
_ غيثني يا جدي ، بوي هيقتلني، عشان عم اقوله أنه عم يظلم اماي
_ اخرسي ..
صرخ بها مجددا، بينما انزوت والدتها تلطم خديها خائفه من أن تفشي ابنتها سر انها هي من دفعتها لتستعطفه حتي يحدثها
منذ تلك الليله وماحدث لابنة أخيه المحروسه وهو يشك بها انها من فعلت،ليس شك فحسب بل يخبرها أنه متأكد من أنها فعلت ، ولولا الأبناء لطلقها وارتاح منها
_ جبر يلمك يابت بطني غبيه كومان
استمعت لصوت عمها ينهر ابنه
_ بزياداك يا رفيع ياوادي، خلاص الحكايه خلصت علي أكده..واهي اللي عم تتخانقوا عليهم رحلوا..اني كومان معجبنيش قلة كلامك مع مرتك، البيت كله عم يتحدث ياولدي
_ ياابوي عاد..
_ اسمع كلامي يا ولدي واعمل الصح، هي فين امك يابتي
_ جوا ياجدي..
_ طيب نادمن عليها كنت عاوز اشوف ايش كانت بدها مني
ابتلع رفيع غيظه منها، لقد علم ما تريد من عمها الموضوع ذاته التي تحججت به أمس لتفتح به حديث معه
وكالعادة ود لو يحطم فكها من الحديث التي تفوهت به
ما أن استمعت لصوت عمها يناديها، اقتربت تمثل الحزن،
_ عم تنادم علي ياعمي
_ ايوه يا ام يزيد..بعتيلي مش اكده
_ ايوه ياعمي.
رفعت وجهها فوقعت علي وجه رفيع الذي لا يفسر، ابتلعت ريقها ودب الرعب اواصلها ، لكنها لن تجعله ينتصر، يزيد ابنها ولديها كامل الحق بأن تفرح به
وبعد ما فعلته تلك الحيه برحيلها مهدت الطريق لها
_ خير يابتي..
_ خير ياعمي..ياعمي انت خابر أن يزيد ولدي عم يكبر والعمر مبقاش فيه بواقي
_ ام يزيد .
هتف رفيع بصراخ، لكنها لم تهتم، أكملت بحقد
_ لاااه مهسكتش ده ولدي، واني مخلفتوش عشان يفضل عُذابي
من غير زواج …
اسمع يا عمي، اني بدي ازوج ولدي…وخلاص اخترت
_ ايه اللي هتقوليه ده يا بنتي، انتي نسيتي ان ولدك متجوز
سحقت اسنانها، وابتلعت غيظها ، وحاولت اخراج صوتا طبيعياً
_ ولدي راجل يا حاج ويقدر يفتح بيت واتنين، ولحد ما ست الحسن بت ولدك تغير جو وترجع، ولدي مش هيضيع عمر تاني..اني بدي اشوف احفادي..حقي ولا مش حقي يا عمي
صمت مطلق حل بالمكان قبل أن يقع عليها صوته المتهكم ودفاعها عن حقوقه وواجباته كالصاعقه..
_ ومين بقي سعيدة الحظ ياماى اوعي تقولي انها بنت اختك المصون..
_ يزيد…ولدي..
****”””
كانت مؤمنه دوما ان الغايه تبرر الوسيله، وهنا بأرض الشريعه والفضيله كما يعتقد البعض
كل ما يدفعك للبقاء عليك اتباعه ، هنا رأت عالم لم تكن تتوقع بيوم أن تدخله ، عالم دخلته كجاريه والان اقسمت أن تكون سيدته، لقد علمت أن أمرها افتضح، لقد ارسل لها الحقير رسالة مصوره، لشقيقها وهو يتوعدها بالقتل، والثأر لشرفه، الان علمت انها كانت ضحيه أيضا لأخيها ولعمله، لقد استغلها الحقير نائل ليكسر انف شقيقها، ويهدده بها، نائل الضابط المفصول لاتهامه بأنه ينتمي للجماعه
والذي كشفه اخيها وابن عمها التي عشقته
واخر لا تعلمه…
فتوعدهم بالانت..قام ووقع الاختيار عليها… وهي بفس…قها ساعدته
الأمر لم يزدها الا إصرارا أن تنتقم من ابراهيم
فلولاه لما وقعت بالفخ..ولكي تنتقم منه يجب أن تكون ما هي عليه اليوم..
المت…ع..ه الأكبر لأم…راء الام…اره الاس..لاميه..يجب أن تسعي لتصل اخبارها للقـ….ياده المص….ريه، وعليه سيتم فصل شقيقها
نـ…ائل ليس اذكي منها، لقد علمت أنه يهدد شقيقها بتلك الصور، ومادامت بالنهاية سيكون مصيرها اله…..لاك..والق..ت…ل
فلتنتقم من كل من تسبب بمجيئها لهنا..وتصنع لشقيقها فضيحه تدفعه للانتحـ…..ار
لقد عملت بنصيحة تلك المراه الأشهر هنا…والتي جاءت بذات الطريقه، لكن من ينتقموا منه ليس شقيقها ، بل كان زوجها التي تكرهه ، سارت علي دربها..وبالنهاية اقتنعت واستسلمت..
_ اري انك تتعلمين سريعاً ؟
هتفت ميسره بضحكه ركيكه موجهه حديثها لساليمه
_ الفضل لك يا عزيزتي..لولاك لما وصلت لهذه النقطه
تنهدت ميسره، وهي تزفر دخان التبـ…غ الذي تستنشقه:
_ هل أسألك سؤال؟
_ بالطبع
_ لما وافقتِ علي خطـ.تي
نظرت لها ساليمه بصمت، والحقد والغضب يشعان من عينيها
_ لم أكن اتوقع اني وقعت بالفخ الذي نسجوه لي من أجل الانتقام من شقيقي، صدقيني لو علمت من البدايه، لساعدتهم بكل سهوله لم يكن عليهم وضع خطه طويله كهذه..
اتسعت أعين ميسره، ماذا تقول هذه، فالمرء علي استعداد ان يقت…ل في سبيل اشقائه
_ انت غير معقوله ، لقد ظننت انكي مجبره علي موافقتي
_ لا يا ميسره ، انا حقا اكره شقيقي ، لقد أخذ كل ما هو من المفترض لي، حتي نصيبي من الحب والدلال كان له .
_ انت لست نادمه..اذا
_ لا..اطلاقا..بالبداية كنت اري هنا جحيما ، لكن ما أن علمت أن وجودي هنا سيشفي غليلي منه
اقلمت نفسي علي أن انتصر..لكرامتي ..أن أراه ذليلا، والجميع يشير عليه بأنه شقيقي..وانا العا….هـ…ره المنبوذه شقيقته التي اذلته ..
_ انت غير معقوله!
_ إذن عليكي أن تصاحبيني كثيرا لتتعلمي .
القي ابراهيم تلك السماعات من علي اذنيه ، وهو بحالة انهيار تام، بعدما استمع لما قالته ، شيء بداخله كان مازال يحن لها ، لكن بعدما قالته..حطمته تماما..
_ مش معقول..استحاله
*********
يتبع…..هينزل فصل طويل كل جمعه أن شاء الله لحد ما تنتهي الحكايه
# اسما السيد
# وكأنها عذراء لم يمسسها أحد من قبل