قصة شغف

رواية أمنيات أضاعها الهوي اسما السيد الفصل الثاني عشر والثالث عشر

أمنيات أضاعها الهوى
الفصل الثاني عشر:
لا أحد يعرف معنى أن تفقد كل ما لديك دفعة واحدة وتبقى فقط على واحدة. لا أحد يعرف كم هو موجع أن تلقي بكل أحلامك وامنياتك من أجل أحدهم، وأن تدفعك الحياة لتفعل من أجلة مالا تطيق.

كان هذا حالها لأسبوع كان كفيل بأن يجعلها تجن . انهارت كل أحلامها وأمنياتها جميعًا ، ولم تعد تُفرق بين الحَقيقي والخيال.
تشعر بأنها فقدت لذة الحياة. بداخلها ندم لو وزع على العالم كله سيكفية. يكفي روحها المعذبة. لا أحد يعلم ماذا فعلت لتصل لهنا؟ ولا يعلمون كم تخطت من صعاب؛ لتعيش مع طفلها حياة سعيدة بلا ضغط نفسي، ولا قيل ولا قال؟
الندم ياكل قلبها، وما أقسى الندم على أشياء ارتكبتها أنت بمحض إرادتك!
تسير الخطة كما خططوا لها، والآن ينتظرها مصير لا تعلم عنه شيء. لم تلتفت لتلك الأيادي التي امتدت لها لِتحتضنها، والتي كانت يدا هبة وأثير تودعانها. لم تستطع أن تمد يدها لهم تشعر بالسخط والحزن منهم وعليهم.
أما عنه كان يراقبها من بعيد عيناة تلمع بالشر حينما دلفت لتلك السيارة التي أرسلها والده لأخذها، كم يشعر بالخزي منه والقرف!
مازال يتذكر حديثة معها بعد تنفيذ أول جزء من خطته حينما واجهته بحقيقة مفرغة كان يتجاهلها طيلة الوقت.
حينما انفرد بها للحديث معًا قبل خطوتهم الثانية بثاني حديث لهما معا بعد مقابلتهم الكارثية بالمطعم حينما أخبرته:
” لا تقنعني أنك لست مثل والدك. شخص مثلك وُلد لأبوين هما أصل الشر. يسير الأذى والخراب بِأوردتهم كالدماء، ماذا سيكون هو؟ أنت جزء منهما، دماؤهم اللعينة تسري بِأوردتك. أتعلم شيئًا! أنا وافقت ليس ثقة بك بل لأني قد أفعل المستحيل من أجل طفلي؛ ليعود لاحضاني سالمًا ولو كان هذا سيكلفني أن أندم على ما فعلت طيلة العمر ”
هي محقة عيناة التي تلمع بالشر الآن خير دليل. هو مثلهم ليس مختلف عنهم لو كانت غيرها قالت ما قالته له لكانت بخبر كان لكنه مكبلٌ. مقيد بقيدٍ خاص جدًا لا يعلم متى سَينزعه ؟
نظر لها بهدوء يتبعها بصمت لو علية هو لواجه أبية منذ لحظة اختطاف الطفل لكن تلك الكوارث التي اكتشفها عنه تدفعه لِلصبر خصيصًا من أجل ربى وطفلها. لقد أدخلت نفسها بلعبة أكبر منها، ولولا أنه علم أنها كانت خطة محكمة عليها لما ساعدها ولا التفت لها لحظة واحدة. ضرب بيده على المقود بقوة، وهو يسب ويلعن بأبية حينما تذكر حديثها له قبل خروجها
” لو دعتك الظروف لإنقاذ واحد منا أتوسل إليك أن تنقذ طفلي”
لم يستطع الحديث بعدها إذ رحلت ولم تجيب على هاتفها مجددًا.
_________
لم تقف يوما علي أعتاب أحد حتى لو كان أهلها لتمد يدها ، ولم تنحني، ولم تُهزم مرة حتى وهي تصارع الحياة كأب له بعدما تخلى عنه والدة، ولا كأم بينما كانت هي بحاجة لوالدتها.
وحدها كانت سيدة قراراتها حتى في وجود حمّويها من قبل، وأصدقائها من بعد. منذ موت والدها، وهي تحمل كل شيء على كاهلها من أجل نفسها وطفلها .كانت تعيش معه طفولتة كما كان يتمتع هو.
هي طفلة بالنهاية تعيش طفولة متأخرة معه. ضحت بكل شيء من أجله، والآن ستضحي بأكثر شيء ضحت من أجله مجددًا حتى يبقى آمنًا، ويعود لها سالمًا.
فجأة وجدت نفسها هنا أمام “العجوز الخرف” الذي يبدو أعد العدة من أجل أن يوقع بها، تراه كوحشٍ بشع لم تستطع يومًا تقبلة.
_ لن أكون لك بالحرام أبدًا أتفهم؟!
هتفت بغضب؛ ليضحك هو ضحكة ذئب أوقع بفريسته قبل أن يقترب منها مردفًا بأعين تلمع بالرغبة المقززة:
_ لو كنتِ قلتِ من قبل وصرحتِ برغبتك هذه كنا وفرنا على أنفسنا عناء التخطيط يا ربى، لقد كلفنا الأمر كثيرًا أليس كذلك ؟!
كادت تبصُق بوجهه الذي يقربه منها بطريقة تبعث بالغثيان:
_ انت محق لو كنت أعلم بمخططك القذر هذا لم أكن لأقَع به، كنت دعست تلك المرأة الخائنة بسيارتي وفضلت السجن أو أن أعدم ولا أكن لك.
ضحك بفظاظة غضبها هذا يعجبة، يسيل لعابة على فريسته، سيروض كل هذا فيما بعد وستقول له سيدي قبل بيعها بسوق النساء، ويُسعد وهي تبكي ندمًا على قلة حيائها معه.
امتدت يده لِتتحسس خدها قبل أن تدفعه مردفة بغضب:
_ أين ابني؟!
كان بيجاد يستمع لما يدور وهو جالسًا بسيارته بانتظار إشارة البدء. يشعر بفوران بدمة وفكرة أن يلمس والدة شيئًا صار ملكًا له يجعله يستشيط غضبًا.
_ صبرًا لننفذ رغبتك بالحلال أولًا قبل رؤيتة يا حلوه.
نظرت لمن دلفوا يبدو شهود، ورجل يبدو من هيئته كمحاميًا أكثر من مأذون فَهتفت بغضب وقد نفذ صبرها بعد ثلاث ساعات قضتها بالسيَّارة لتجد هذا المكان النائي بعيدًا عن العمران ليقول لها أن تصبر هتفت بغضب:
_ أقسم أن لم أري ابني الآن لن أمضي علي شيء أبدًا.
عاد يضحك ضحكته السمجة التي تقتلها. لم تتحدث بكلمة بعد ذلك أمرته برؤية طفلها وصمتت.
ليجْعلها تراه بعد ذلك من خلف شاشة عريضة أمامها وهو غارقًا بالنعاس؛ ليهتف :
_ هل اطمأن قلبك يا حلوة؟!
لم يطمئن قلبها، فَعاودت سؤاله:
_ هل هو هنا بالقصر؟
_ لم تصدقيني بعد، أقسم أنه هنا.
_ وأين اثباتك على ذلك؟
كان معها خطوة بخطوة يخبرها بما ستقول لو كانت هي وحدها تقسم لكانت ترتجف الآن.
استمعت لهمسة بتلك السماعة المخفية التي أوصلها لها منذر قبل رحيلها معهم، وكأنة شعر بتخبطها من صمتها
_ ربى اهدأي نحن هنا.
لا تعلم لما شعرت بالأمان حينما تسلل لها صوت بيجاد بتلك الكلمات البسيطة، شعرت بحرقة بأعينها من حبسها لدموعها، وودت لو تجيبه صارخة “أنا خائفة”
التقطت عيناها صوت فريد الزيني غارقًا بنشوة انتصار أنه هنا؛ لتمتد يدة بالريموت، ليعاود فتح الشاشة مرة أخرى، وهو يعرض لها مشاهد من القصر هنا وطفلها حر طليق يلهو مع الخيل الذي يحبه بجوار الحرس.
صارت تماطل بالحديث تستمع لصوت بيجاد الذي يهمس لها، وهي تفعل ما يقول إلى أن مرت الدقائق أشبه بعمرٍ كامل قبل أن تستمع لصوت زفرته المرتاحة بأذنها مرددًا بحنو:
_ طفلك بأمان الآن..اهدأي أنه معنا.
كادت تصرخ من الفرح، وحمدت الله أن ذلك النجس غارق مع المحامي الذي بدأ بكتابة العقد الخاص بزواجهم على ما يعتقد. كانت الشاشة المثبتة على طفلها قد انطفأت قبل دقيقة فلم تعد ترى طفلها حينها نظرت لفريد الزيني بهلع؛ ليهتف مُطمئنا لها:
_ لا تقلقي يا حلوة كلة تحت السيطرة، سأرسل أحد له يأتي به على كل حال أو لتَصعدي أنتِ بعد توقيعك على عقد زواجنا.
كانت عيناة تلمع بخبث يخيفها حتى هتف مجددًا، وهو يشير لها أن تأتي وتجاورة:
_ ألم يحن الوقت بعد يا حلوة لتقتربي، ها أنا وفيت بوعدي ؟
اقتربت وجلست بالقرب منه بينما عينا ذلك النجس عليها. على فريسته التي سينالها بعد قليل. مد المحامي لها بالأوراق؛ لتنظر لها قبل أن يهتف هو ملاحقًا لها بعدما لاحظ صمتها:
_ عقد شرعي سَنوثقة بالمحكمة. أنا لن أستطيع أن أغامر بسمعتي أنت ِ تعرفين ذلك ؟!
لم تكترث بما يقوله. مسكت بالقلم ومدت يدها لتمضي لكن بلمح البصر كان رجال بيجاد تحاوط القصر داخلة وخارجة، ويد بيجاد تقتلع القلم من يدها، وتمسك بها من خصرها بتملك؛ لِيصرخ فريد الزيني بإبنة صرخة لم تطل قبل أن يكمم فاهة أحدهم، ويقترب بيجاد منه مردفًا بنبرة خطر اخافتها حقًا جعلتها تشعر وكأنها وقعت بحق بوادي ذئاب خطر يتناقلوها من فم لآخر.
_ كيف ستتزوج بزوجة ابنك يا والدي العزيز؟
_ ماذا؟
نظر لو بنظرة سوداوية مردفًا بتملك:
_ ما سمعته من أمامك الآن هي ربى بيجاد فريد الزيني .
حاوط خصرها بتملك أزعجها حقًا، وهو يقربها منه بينما يلقي بتلك الكلمات لوالدة .
عادت بذاكرتها لِقبل أيام حينما وَقعت بنفسها على قسيمة زواجهما حتى تُنقذ طِفلها ونفسها من العجوز الخرف بعدما استحال عليهم الوصول له بطرقهم الطبيعية والبحث.

ارتفع صوت المأذون يردد لثالث مرة دون أن تنتبه:
_ ربى منير راشد هل تقبلين الزواج من بيجاد فريد الزيني؟
لم تنظر له شردت بطفلها. أرادت أن يمر الوقت فقط، هتفت:
_ نعم أقبل به.
لا تعي كيف نطقتها لكنها ليست مخيرة هي مجبرة كما العادة ولا عزاء لها ولا لامنياتها. فها هي الآن تدعسها بأكملها تحت أقدامها مجددًا والسبب تلك المرة لم يكن إلا بسبب سذاجتها وثقتهَا المفرطة.
نظر إليها بنظرة طالت عن الحد كان بإمكانه فعل الكثير غير ذلك لكنه هو من آثر الغرق معها. لا يعلم أين سترسو سفينتهم معا لكنه لن يسمح لمخلوق بإيذائها.
انتفضت مجددًا علي صوته المرتفع. لم تفكر للحظة واحدة بما قد يحدث، ولا لما ولا إن كانت هناك حلول أخرى. لقد توقف عقلها حينها عن العمل امتدت يدها تزيح يده التي امسك بخصرها بها بقوة آلمتها لكنه لم يسمح لها فاستسلمت .
_ هيا منذر لملم هذة المزة اللعينة لقد انتهت الليلة هنا .
الصدمة تملكت من فريد التي اهتزت حدقتاه، وارتجفت اوَصالة قبل أن يميل بيجاد هامسا بأذنه :
( انت لا تريد أن يعرف جدي بما حدث الآن صحيح! أتمني أن تحفظ سري كما سأحفظ سرك أنا.. لست وحدك من تملك الأسرار يا ابي..منذ الليلة زوجتي خط أحمر ولكن…صمت قليلًا قبل أن يهتف مجددًا لا عليك ستعرف فيما بعد )

أشار بيجاد لمنْذر برأسه قبل أن يسحبها من يدها غير مكترثًا بدفعها له حتى تصرخ قائلة:
_ أين طفلي؟
_ اهدئي ربي قد أخرجته من هنا.
_ أريد رؤيته ؟
_ حسنا دقائق وترينه.
دفعته مجددًا بكل ما أوتيت من قوة، ولم تعي لقدمة التي يسير بها بعرجٍ خفيف فأتت دفعتها قوية عن الحد فصرخ بوجع، اتسعت عيناه وهو يتركها ليِميل على قدمه المبتورة، والتي عوضَ فقدها بجهاز اصطناعي يحاول كتم أناته لكن ألمه فاق الحد؛ ليأتية منذر مسرعًا:
_ بيجاد أنت بخير ماذا حدث؟
قبل أن يجيبه كانت ربى تجلس أمامه بموازاة قدمهِ بفطرتها الأنثوية، مردفة بصدمة حقيقية:
_ يا الهي قدمك تنزف، أنها تنزف بغزارة.
_________

أمنيات أضاعها الهوى
الفصل الثالث عشر:
– كيف حالك؟
– أعافر، أحيا داخل صراع أنا من خلقته بيداي، أقاوم كل ليلة حتى أنجو، وهذا أقصى ما أستطيع أن أخبرك به، وأنت كيف حالك؟

_ إنها تنزف.
_ اهدئي أنا بخير.
لم تشعر بنفسها، صُدمت حينما رأت الدماء. ما فكرت به، وهيأة لها عقلها أنه أصيب بطلق ناري، ولم تستمع له.
لم يصل فكرها لأن يكون مصابًا إصابة أخرى. امتدت يدها لتستكشف مكان دمائه بعدما سندة منذر ليدْلف لِسيارتة، وأمره بيجاد ليعود حتى يتمم على كل شيء. بالنهاية لا يثق بأحد غيره.
حاول دفع يدها لكنها لم تكترث:
_ ربى أنا بخير ابعدي يدك.
هتفت باستنكار:
_ يا الهي أي خير إنها تنزف دعني أراها.
كان بوضع حرج للغاية، ومتعب بذات الوقت. التعب نال منه على كل حال وأهمل علاجهِ بالآونة الأخيرة يأسًا من كل شيء.
ما أن مالت؛ لتراها اتسعت عيناها ما أن استمعت لصوت إطلاق النار.
صرخت مجددًا باسم طفلها قبل أن يسحبها هو وقد نسى ألَم قدمه؛ لتقف خلفة بينما امتدت يده لأسفل سترته مخرجًا سلاحة، هتفت:
_ عزالدين أين هو؟
_ اهدأي هو بأمان الآن.
لمحت الرجال بالخارج كأنهم خلية نحل منظر مهيب تراه بالأفلام فقط لم تتخيله أنها ستَعيشة ذات يوم، تبادل لإطلاق النار بين رجال بيجاد، وآخرين دلفو للتو. أين كان كل هؤلاء لما لم ترهم حينما كانت آتية لهنا؟!
عاودت سؤاله عن طفلها والخوف يملأ قلبها ليجيبها:
_ حسنا اهدئي.
ادخلها لسيارته، واستدار لِيجاورها نفذ صبرها وهمت بالصراخ علية لكن خرست تمامًا حينما مد يده لها بِهاتفه الذي كان مفتوحًا علي مكالمة مرئية من رامي وطفلها:
صرخت :
_ عز بُني.
_ أمي أنا بخير لا تقلقي.
انفجرت بالبكاء بعدما أخذ بيجاد الهاتف منها بعدما اطمأنت على طفلها أنه بخير لم تنتبه أنه بداخل السيارة. لقد ظنت أنه مازال بالخارج. لم تستطع إلا أن تبكي لتمتد يدة لها ببعض المناديل الورقية، وتنتبه بعدها على وجودة، وأنها نست أمر إصابته:
_ أريد الرحيل من هنا، أريد طفلي ثم هل أنت بخير؟
هتفت ببكاء بينما انتزعت منه المناديل بغضب حارق، وقد تحولت نبرتها كليًا من الحزن للغضب .
زفر بحنق محترمًا رغبتها قبل أن يشير لمُنذر بيدة بشيء فهمة على الفور، ويعود ليقود سيارته.
_ انتظر.
_ ماذا بعد؟
هتف بتأفف قبل أن تمتد يدها لذلك المقص التي لمحته علي التابلوة أمامها، ومن ثم تمد يدها؛ لتفك حجابها الطويل بنية أن تقصه .
اتسعت عيناه، وهو ينظر يمينًا ويسارًا يري أن كان أحد بتطلع إليهم؛ لِيصرخ عليها بغضب :
_ ماذا تفعلين اجننتي؟ ألا ترى كم من رجل أمامك؟
لم تكترث له. بالنهاية لم تخلعه كليًا قَصت نصفة سريعًا ومالت تمسك بقدمة التي صرخ من مجرد لمستها.
اتسعت عيناها ما أن وعت لما هي عليه؛ لتستقم وتلعن غبائها قبل أن تقوم بلف حجابها على الجزء النازف.
_ آسفة ظننتها طلق ناري، آسفة حقًا .
_ لا عليكِ.
لمحت وجُومة قبل أن تهتف بعد برهة مجددًا:
_ إلى أين نحن ذاهبون؟هذا ليس طريق المنزل ثم يجب أن يرى طبيب قدمك إنها تنزف بغزارة.
_ أعلم شكرًا لكِ.
زفرت بـ غيظ، وغضب ثم صاحت:
_ ماذا تعلم ؟ ثم أين أنت ذاهب بي؟!
أجابها بنبرة حاول أن لا تخرج غاضبة:
_ اف اصمتي لدقائق فقط! اصمتي ربى!
لم يزد غضبه إلا من غضبها، لينتهي الأمر بعد دقائق بوقوفه على جانب الطريق، وتندفع يد أحدهم لتضع طفلها بالسيارة من الخلف قبل أن تهتف بفرحة جعلته يبتسم:
_ عز.
_ ماما.
_ افتح الباب اللعين؛ لِأجاور طفلي.
كاد ينهرها لكنه آثر الصمت قبل أن يفتح لها الباب؛ لتجاور طفلها بالخلف، وتسرع لتحتضنة باكية.
لتبدأ هي، وطفلها بثرثرة لعينة صدمته حقًا، وطفلها يحكي لها بالتفصيل الممل ماذا حدث معه؟ وهي غير منتبهة تمامًا لما حولها، ولا للطريق الذي طال عن الحد، ولا حتى تذكرت نزف قدمة.
ساعة وكان عزالدين غارقًا بالنوم، وهي تقاوم النوم لتهتف قبل أن تغرق به :
_ أما زالت قدمك تنزف؟
_ لا، أصبحت بخير.
أشارت لحقيبتها التي وضعها أحدهم بجواره، ولم تنتبه متى، وهتفت:
_ بحقيبتي مسكن قوي للآلام ومياة يمكنك أن تأخذ منه حتى ينتهي طريقك اللعين هذا.
_ لسانك سليط جدًا لم أتوقعه.
_ أعلم.
زفر براحة حينما غرقت بالنوم، وكأنها لم تحظي به لليالٍ طوال.
امتدت يده؛ لتفتح حقيبتها كان بحاجة ماسة لذلك المسكن يشعر وكأن قدمة مشتعلة بالنيران.
لكن ذهب أمل الراحة من قلبة حينما دلفت يدة لمغارة، وليس حقيبة. ابتسم بقلة حيلة، وأوقف سيارته حتى يتسنى له الوصول إليه. كان سينادِيها لتستيقظ لكنه آثر تركها غافية ً.
أخيرًا وصل له وابتلع قرصًا، ومال برأسه بتعب للخلف قبل أن تقع عينيه على هاتفها المزين بصورتها بلا حجاب بعدما يأس أحدهم على ما يبدو من اجابتها؛ ليخطر على بالهِ أغنية عشق عزفها على كمانة تصفها تمامًا:
_ مذهلة.
*******
_ كيف تحتجزني هنا؟! هل جننت أتعي من أنا؟!
هذا كان صراخ فريد الزيني الذي دوى بالقصر الخاص بملذاته قبل أن يجيبه منذر بثبات انفعالي رهيب:
_ هذه أوامر دكتور بيجاد فريد الزيني، ولا أستطيع أن أخالفهَا.
صرخ فريد برجالة خصوصا ماجد ذراعه الأيمن الذي تذكر أنه أخفي ذلك الأمر عنه؛ ليهتف منذر بهدوء أكبر:
_ صدقني لا داعي لكل هذا، ولا لِانفعالك هذا. لم يعد هنا رجال غيرنا القصر قصرك . أفعل به ما شئت داخلة إلى أن تأتينا الأوامر بتركك أو شيء آخر!
الرعب تملك منه، قبل أن يردف:
_ شيء مثل ماذا؟
_ لا أعلم نحن ننتظر الأوامر.
_ لن تفلت بفعلتك هذة أنت وهو، وسترى ليس أنا من أسجن؟!
_ تمام..لنرى.
*******

error: Content is protected !!
Scroll to Top